تحديد دلالة مفاهيم الإنشاء الفلسفي، التدريس بالنصوص، النص الفلسفي.
إن تناول إشكالية التدريس بالنصوص والدور الذي تلعبه في اكتساب التلميذ لمهارات الإنشاء الفلسفي في مادة الفلسفة، يقتضي الوقوف عند أهم المفاهيم الأساسية داخل الإشكالية، حيث نجد منها ما هو صريح ومنها ماهو مضمر. إضافة إلى محاولة تحديد العلاقة التي تربط التدريس بالنصوص بالإنشاء الفلسفي نظريا، بناءا على كيفية حضورها في ديباجة التصورات التربوية المؤطرة لمادة الفلسفة. والوقوف عند التطور التاريخي الذي عرفه الدرس الفلسفي بالمغرب، من فترة تقرير الفلسفة كمادة دراسية الى حدود أخر تعديل في المنهاج الدراسي الخاص بالمادة. ورصد أهم الخطوات التي تقوم عليها طريقة التدريس بالنصوص ومراحل الإنشاء الفلسفي، وما قد يربط بينهم من علاقة.
• التدريس بالنصوص:
- التدريس: لغة: كلمة التدريس مشتقة من الفعل درس فيقال: درس الشيء والرسم يدرس دورسا: عفا. يعرف التدريس على أنه "نشاط متواصل يهدف الى إثارة التعليم وتسهيل مهمة تحقيقه"، كما أنه "عملية معتمدة لتشكيل بيئة التعلم بصورة تمكن من تعلم و ممارسة سلوك محدد أو الاشتراك في سلوك معين، وذلك وفق شروط معينة أو كاستجابة لشروط محددة".
- النص: لقد ورد في في لسان العرب لإبن منظور تحديد النص على الشكل التالي: النص رفع الشئ، نص الحديث ينصه نصا: رفعه، وكل ما ظهر فقد نص. ووضع على المنصة: أي على غاية الفضيحة والشهرة والظهور. والحال أن مفهوم النص «texte» يرتبط في أصله اللاتيني « textus » بمعنى التماسك والنسج الذي يشد مجموعة من الخيوط الى بعضها البعض. ونجد، خلف هذا التحديد ألايتمولوجي الموحد للفظة "نص" تنوعا وتعددا في الكتابات التي تناولت مسالة النص. وقد يتبع هذا التنوع و التعدد – أحيانا - إختلاف المواقف النظرية والمنهجية للباحثين كما قد يتبع أحيانا أخرى إختلاف أنواع النصوص.
• النص الفلسفي:
يهدف إلى "خلق تواصل تفكيري بين المتعلم وخطاب الفلسفة، فإن المتعلم يجد في النص الفلسفي مادة هذا التواصل، ويجد فيه أيضا وسيلة تكفل تحقيق الأنشطة التفكيرية والمنهجية التي يقصد درس الفلسفة إكسابها للمتعلم".
ويعتبر النص الفلسفي مجالا لممارسة نشاط الفهم والتحليل والمساءلة وخلق مسافة مع الأفكار من خلال مقارنتها ببعضها، ونقدها.
ويعد التدريس بواسطة النصوص الفلسفية، حاليا، ركنا أساسيا من أركان الدرس الفلسفي، فيما يتجه هذا الدرس إلى خلق تواصل تفكيري بين المتعلم وخطاب الفلسفة فإنه يجد في النص الفلسفي، مادة هذا التواصل ويلقى فيه وسيلة تكفل تحقيق الأنشطة التفكيرية، المعرفية والمنهجية، التي يقصد درس الفلسفة إكسابها للمتعلم.
وإنطلاقا من التعريف الأولي لمفهوم التدريس ومفهوم النص والنص الفلسفي، يمكن تحديد التدريس بالنصوص على أنه الطريقة أو النشاط التعليمي الذي يقوم به الأستاذ داخل الفصل الدراسي مستعينا بالنصوص الفلسفية بإعتبارها تشكل مجالا لممارسة نشاط الفهم والتعاطي مع الأفكار عبر التحليل والمساءلة والمقارنة.
وبهذا يعتبر التدريس بالنصوص وفق نظام المقاربة بالكفايات، الإضافة النوعية في مجال الفلسفة حيث يتيح الفرص للتلميذ والأستاذ، على حد سواء، لبناء الدرس بشكل تشاركي/ بنائي (ممارسة التفلسف) بعيدا عن الطريقة الالقائية / المنبرية في تدريس الفلسفة.
كما تتضمن إشكالية البحث - إلى جانب المفاهيم السالفة الذكر- مفهوما أساسيا هو:
• الإنشاء الفلسفي:
هو إنتاج يقوم به التلميذ مستخدما من خلاله قدراته العقلية والفكرية، و إمكاناته المتنوعة. فهو الأداة التي بواسطتها نستطيع الكشف عن مدى إبداعية متعلم الفلسفة، والتعرف على قدراته وعلى مدى تعلمه التفكير السليم، من تحليل و تركيب وإستنتاج، برهنة ونقد، كما نسبر من خلاله قدرة التلميذ على التذكر، وسعة خياله، وحجم وقيمة معلوماته، وسعة إطلاعه.
كما يعتبر "مقال منظم، يتم من خلاله الإجابة في موضوع محدد باحترام شروط ومبادئ ضروروية، يؤدي الإخلال بها الى عدم إستقامة الموضوع وجودته".
✓✓ التدريس بالنصوص والإنشاء الفلسفي
إن إعتماد النص الفلسفي كدعامة أساسية في تدريس مادة الفلسفة، يطرح العلاقة بين ماهو شفوي )التدريس في الفصل) وماهو مكتوب (الإنشاء الفلسفي)، على اعتبار أن طريقة مقاربة النص الفلسفي في الحصة الدراسية هي نفسها تكرس خطوات الإنشاء الفلسفي.
ومن أجل تحليل هذه العلاقة سنحاول أن نقف عند تصور التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس الفلسفة، وكذا أهم المقاربات – في سياق كرونولوجي- التي تعرض لطرائق التدريس في مادة الفلسفة. ---------» أنظر هذا المقال عبر الرابط أسفله
تصور التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة - نونبر 2007 والمذكرة الوزارية:07-04