البحار المتقاعد قصة لمحمد إبراهيم بوعلو
تعتبر القصة فن نثري سردي يتصف بمجموعة من القواعد والخصائص التي تميزه عن باقي الأنواع السردية الأخرى. إن القصة بالمعنى الحديث ظهرت في أوربا في القرن ال19 اعتبارها شكل سردي محدد يتصف بالاختزال والتكثيف، يركز فيه الكاتب على لحظة زمنية خاصة يعبر من خلالها على موضوع معين. أما في العالم العربي فلم يعرف فن القصة بالمعنى الإسلامي الحديث إلا بداية القرن ال20، وذلك عن طريق الترجمة والمثاقفة والصحافة. ومن رواد الفن القصصي العرب أحمد بوزفور، عبد الكريم غلاب، محمود تيمور، وإبراهيم بوعلي الأديب والقاص المغربي، من مجموعاته القصصية "السقف" و"الفارس والحصان". فما الموضوع الذي يطرحه الكاتب؟ وما الوسائل الفنية التي استعان بها للتعبير عن هذا الموضوع؟
ملاحظة النص: البحار المتقاعد
تركيبيا جاء العنوان جملة إسمية، البحار مبتدأ والمتقاعد نعت الخبر محذوف يستفاد من النص.
أما دلاليا فهناك قطيعة واتصال بين البحار والبحر، كما يلخص العنوان زمانين ووضعيتين نفسيتين؛ زمن القوة والشباب والحيوية والنشاط، وزمن الشيخوخة والعجز، أضف إلى ذلك بداية النص التي تعلن عن ابتداء عملية السرد: كان (الماضي)، حفيده (الشخصية)، شاطئ البحر(المكان).
2- فرضية القراءة
من خلال المؤشرات السابقة نفترض أن موضوع القصة يرتبط بتعلق وارتباط البحار بالبحر، وما سيترتب عن ذلك من أثار نفسية بعد تعاقده.
فهم النص(نص البحار المتقاعد)
تدور أحداث القصة حول بحار متقاعد يرافق حفيده كل يوم إلى شاطئ البحر فيقفان هناك في صمت مطبق إلى أن تغرب الشمس وتضايق الحفيد من هذا الوضع بسبب حرمانه من اللعب.
2- المتواليات السردية
✓وضعية البداية: مرافقة الجد للحفيد إلى شاطئ البحر.
✓وضعية الوسط:
- العنصر الطارئي؛ تضايق الحفيد من صمت الجد.
- سيرورة التحول؛ إخبار الحفيد لأبيه بتضايقه من صمت جده وبأن هذا الأخير ينتظر قدوم السفينة وعودة زملائه.
- طالب الأب من الحفيد (ابنه) عدم مرافقة الجد.
- التماس الحفيد للأب بالسماح له بمرافقة الجد.
- إخبار الأب .تلاوتببلونن.
✓وضعية النهاية: حزن الأب على حال الجد وذكره لقساوة البحر تجاهه.
تحليل النص
الشخصيات:
الجد؛ وهو بحار متقاعد متقدم في السن، حزين كثير الصمت يشتاق لأصدقائه. الابن أو الحفيد؛ صغير في السن يصاحب جده إلى البحر متضايق من صمت جده. الأب؛ متفهم، مسؤول، صريح، خائف على مصاحبة الابن للجد، حزين على حال ابنه.
تربط بين الشخصيات علاقة قرابة وحب، وتشترك في حالة القلق والحزن مما يعكس تقاسم نفس الهموم والمخاوف.
البحر؛ مكان مفتوح وهو مكان خطير يلفه الغموض وعدم الأمان. المنزل؛ مكان مغلق وهو فضاء للأمان والسكينة والاطمئنان.
الزمان:
الزمن العام؛ حيث إن زمن السرد هو الماضي وزمن الحوار هو الحاضر. الزمن الخاص؛ نجد المساء قبل الغروب. الزمن النفسي؛ يتمثل في شعور الجد وهو يترقب عودة السفينة حاملة أصدقائه مما يدل على استمرار المعاناة جراء الانتظار الدائم للذي قد لا يأتي.
اكتفى السارد فقط برواية الأحداث دون المشاركة فيها، فهو مجرد شاهد والدليل تصدير الحكاية بضمير الغائب (كان).
الرؤية السردية:
وهي الرؤية من الخلف، حيث اخترق ذوات الشخصيات ليكشف عما يدور في خلدها "أخذ يفكر في طريقة يبعد فيه ابنه عن التفكير في جده".
خارجي؛ اعتمد السارد في نقل أقوال الشخصيات نقلا أمينا دون تدخل منه (حوار الأب وابنه). حوار داخلي؛ وظيفته رسم ملامح الشخصيات والتخفيف من رتابة الحكي والايهام بواقعية الأحداث.
الوصف:
اعتمده السارد وسيلة لبيان صفات الشخصيات (رجل متقدم في السن..) ومميزات المكان (الأفق البعيد) وقد يعتمد في هذا الوصف على حاسة البصر.
اللغة: لغة سردية خالية من التعقيد اللفظي والمعنوي لأنه يهدف إلى تحقيق التواصل مع المتلقي.
التركيب
نستخلص في ختام هذا الموضوع أن الأديب المغربي محمد إبراهيم بوعلو اتخذ لقصته موضوع التقاعد باعتباره ظاهرة مجتمعية. فإذا كان للتقاعد انعكاسات اقتصادية واجتماعية، فقد سلط الضوء في هذه القصة على الجانب النفسي، أذ تناول شعورا ينتاب المتقاعد وهو الشعور بالعجز عن الاستمرار في العطاء والاقصاء والاحباط. كل هذا يجعل المتقاعد محطة عناية ورعاية. أما من حيث الخصائص الفنية فقد توفرت القصة على مجموعة من التقنيات؛ نجد الشخصيات، والمتواليات السردية ، والحوار، وعنصري الزمن والمكان، علاوة عن الوصف.