البرازيل نمو اقتصادي واستمرار التفاوتات في التنمية البشرية
تعتبر البرازيل من القوى الصاعدة التي حققت نموا اقتصاديا كبيرا في العقود الأخيرة اعتمادا على إمكاناتها الطبيعية والبشرية المهمة، لكن لا زال يعاني من مشاكل عدة في مقدمتها استمرار التفاوتات في التنمية البشرية، إذن: ما المؤشرات الدالة على النمو الاقتصادي في البرازيل؟ ما العوامل المفسرة لهذا النمو؟ وما التحديات التي يواجها البرازيل؟
أولا: مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل
1- تعتبر البرازيل من كبار المنتجين الفلاحيين على الصعيد العالمي
- الزراعات التسويقية؛ تحضى بعناية كبيرة من الدولة لذلك فإنتاجها ضخم يخولها احتلال المراتب الأولى عالميا؛ المرتبة الأولى في إنتاج البن، قصب السكر، البرتقال، والمرتبة الثانية عالميا في إنتاج الصوجا،
- الزراعات المعيشية؛ لا تحضى بنفس الأولوية، لذلك تحتل فيها مراتب متأخرة إذ تحتل البرازيل مثلا الرتبة 21 عالميا في إنتاج القمح،
- وتحتل البرازيل مراتب متقدمة في تربية الماشية؛ الرتبة الأولى في تربية الأبقار، والثالثة في تربية الأغنام،
- الشمال الشرقي والوسط الغربي؛ حيث تتركز تربية المواشي،
- الشمال (الأمازون)؛ ويعرف توسعا للزراعة على حساب القطاع الغابوي حيث الاقتصاد القائم على القطف في الأمازون،
- الجنوب والجنوب الشرقي؛ ويمثل أهم منطقة فلاحية في البرازيل على الاطلاق، ففيه تتمركز الزراعات (التسويقية قصب السكر والبن، البرتقال، الصوجا)،
2- تعد البرازيل قوة صناعية صاعدة
- تتميز الصناعة البرازيلية بالضخامة والتنوع، إذ تتعدد فروع الصناعة وتتوزع بين الاتصالات، المطاط، الورق، الألبسة، الغذائية، النسيج، الفضائية، السيارات،
- تحتل البرازيل مراتب متقدمة في بعض الصناعات، المرتبة الأولى في إنتاج السكر وعصير البرتقال، الرتبة الرابعة في صناعات الطائرات، والرتبة الحادي عشر في إنتاج السيارات،
- يعتبر المثلث الصناعي ريودي جانيرو – برازيليا – بيلوأوريزانتي، أهم منطقة صناعية في البلاد حيث يضم أكبر مركز صناعي بساو باولو القلب النابض للصناعة البرازيلية.
3- تنمو التجارة البرازيلية بوثيرة سريعة
- بنية التجارة الخارجية بالبرازيل؛ تتصدر المواد الفلاحية صادرات البرازيل ب 21٪، تليها الكيماويات ب 20٪، ثم الآلات ومواد التجهيز ب19٪... أما الواردات فتتقدمها آلات ومواد التجهيز ب31٪ متبوعة ب الطاقة 18٪، فوسائل النقل 17.5٪ ثم الحديد والصلب ب15.5٪ .. سنة 2012،
- يحقق الميزان التجاري للبرازيل فائضا مهما، لنه بدأ يعرف تراجعا. فبعدما حقق سنة 2000 فائضا بلغ 40 مليار دولار انخفض سنة 2012 إلى 19.5 مليار دولار،
- تعدد الشركاء التجاريون للبرازيل وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ثم الصين فألمانيا والأرجنتين.
ثانيا: العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي للبرازيل
1- ساعدت عوامل طبيعية وتنظيمية وبشرية وتقنية في قوة الفلاحة
- العوامل الطبيعية
- تضاريس كبيرة (الھضبة البرازيلية وحوض الأمازون)، وتربة خصبة في الجنوب،
- مناخ يتسم بالتنوع وتساقطات مهمة: مناخ استوائي في حوض الأمازون ومداري في الھضبة البرازيلية وشبه مداري في الجنوب،
- شساعة المجال الزراعي والرعوي (قرابة 340 مليون ھكتار)،
- العوامل التنظيمية والبشرية
- وفرة اليد العاملة وانتشار الاستغلاليات الرأسمالية الواسعة،
- فلاحة رأسمالية تسويقية (مندمجة في الدورة النقدية)،
- ھيمنة الشركات متعددة الجنسيات.
- العوامل التقنية
2- عوامل تقدم الصناعة البرازيلية
- عامل طبيعي؛ إذ تزخر البرازيل بثروات طبيعية مهمة خصوصا المعادن التي تحتل في إنتاج بعضها مراتب متقدمة عالميا المرتبة الثانية في إنتاج الحديد ب380 م ط سنة 2009، والمرتبة الثالثة في البوكسيت، والالرتبة السادسة في الفوسفاط. أما مصادر الطاقة فتبقى مراتبها متأخرة المرتبة الرابعة عشر في إنتاج البترول ب100 م برميل سنة 2009،
- عامل تنظيمي تقني؛ ويتمثل في تبني البرازيل للنظام الرأسمالي المبني على حرية المبادرة الفردية وامتلاك وسائل الإنتاج إضافة إلى تشجيع الدولة للاستثمارات الأجنبية مما أدى إلى استقرار الشركات المتعددة الجنسيات في البلاد والاستفادة من التسهيلات الممنوحة، هذا إلى جانب اعتماد البرازيل على أحدث التقنيات في الصناعة وفي مقدمتها الإنسان الآلي،
- عامل بشري؛ كثافة سكانية هائلة حيث يبلغ تعداد السكان قرابة 209 ملايين نسمة، وهيمنة الفئة النشيطة مما يوفر يد. عاملة رخيصة وسوق استهلاكية واسعة.
3- تقف مجموعة من العوامل وراء تقدم التجارة البرازيلية
- العامل الجغرافي: أهمية الموقع الاستراتيجي، الانفتاح على محاور التجارية العالمية الكبرى، مواقع طبيعية ملائمة لبناء موانئ ضخمة مجھزة بأحدث التقنيات،
- العامل الاقتصادي: وفرة الثروات المعدنية والطاقية، ومنتوجات الزراعات التسويقية والخشب، استثمارات أجنبية هامة،
- العامل التنظيمي: أهمية الانتماء إلى مجموعة مركوسور، ووجود الشركات المتعددة الجنسيات، إضافة إلى تبني النظام الرأسمالي المرتكز على اقتصاد السوق مع تنظيم بنكي جيد ومحكم، نهيك عن دور الدولة بدعم الصادرات وإلغاء الضرائب، علاوة على وجود موانئ كبرى مجھزة (ساو باولو، ريو دي جانيرو...).
ثالثا: التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية وخصائصها المجالية
1- تعاني البرازيل من تفاوتات اقتصادية مهولة
- تعرف البرازيل تباينا اقتصاديا ومجاليا صارخا بين المركز المتمثل في الجنوب والجنوب الشرقي (حيث تتكدس الاستثمارات والبنيات التحتية واليد العاملة كما تحضى باهتمام بالغ من الدولة..) والمناطق الهامشية الهشة بالشمال الشرقي والأمازون،
- تفاوت مساهمة الجهات البرازيلية في الناتج الداخلي الخام حيث يساهم الجنوب الشرقي لوحده ب59٪ سنة 2004،
- تباين الانتاج الاقتصادي بين الجهات إذ يتركز معظم الإنتاج الفلاحي، والصناعي والخدماتي في الجنوب الشرقي بينما يبقى الشمال والشمال الشرقي ضعيف الإنتاج.
2- تعرف البرازيل تباينات اجتماعية صارخة
- ارتفاع نسبة الفقر (21٪ 2013) والبطالة (7.5٪) في الوقت الذي بلغ فيه الدخل الفردي 100000 دولار سنة 2013، كما تحتل البرازيل حسب مؤشر التنمية البشرية المرتبة 85 عالميا سنة 2013، هذا المؤشر يرتفع بالمركز وينخفض بالهامش،
- تباين في توزيع نسبة الأمية بين الجهات، أذ تنتشر بكثرة في الشمال والشمال الشرقي بينما تعرف انخفاضا في الجنوب والجنوب الشرقي،
- فوارق كبير داخل الجهة الواحدة بين المجالين الحضري والريفي، وداخل المجال نفسه خاصة في المدن الكبرى حيث الأحياء الراقية والدخل المرتفع والأحياء العشوائية الصفيحية،
خاتمة
استطاعت دولة البرازيل تحقيق إقلاعا اقتصاديا كبيرا جعلها في مصاف الدول الكبرى رغم تصنيفها ضمن دول العالم الثالث نظرا لحدة المشاكل الاجتماعية والتفاوتات المجالية.