نماذج نصوص فلسفية: محور الشخص بوصفه قيمة
النص: 01؛ هيغل قيمة الشخص والامتثال للواجب
" لا يكتسب الأشخاص قيمة ما إلا من حينما يمتثلون لروح شعوبهم، وحينما يمثلونها ويحتلون مرتبة معينة داخل حياة المجموع. وإنه لحيوي جدا أن تكون تلك المرتبة نتيجة اختيار حر للفرد، إذ ينبغي أن يكون توزيع المهام التي يختارها الأفراد توزيعا شبيعا بنظام الطبقات الاجتماعية. إن الخاصية الأخلاقية تكمن في تحقيق الواجبات التي تستلزم كل حالة القيام بها، وهذا ما تسهل معرفته: فالمرتبة التي يشغلها فرد ما تحدد واجباته.. لكل فرد مكانه، وهو يعرف عموما ما يميز سلوكا شريفا وممثلا للقانون.. فطبيعة العلاقات بين الأبناء والآباء تحدد ببساطة واجب السلوك امتثالا لهذه العلاقات. فإذا كُنتُ مدينا لشخص بمبلغ معين، فيجب عليّ – حسب القانون – أن أتصرف امتثالا لطبيعة الموقف، وأن أُرجع المبلغ لصاحبه.. إن عالم الواجب يكوّن هنا شكل الحياة المدنية، فالأفراد يقومون بالمهمة التي أسندت إليهم وهم ملزمون بالقيام بالواجب. إن قيمتهم الأخلاقية تكمن في سلوكهم، امتثالا للواجب". (( هيغل ))
النص: 02؛ كانط الكرامة والوعي بالذات
"هناك شيء يرفع الإنسان بشكل نهائي فوق كل المخلوقات الأخرى التي تعيش على الأرض، وهو أنه قادر على أن يمتلك تصورا عن ذاته، أي عن الأنا. وانطلاقا من ذلك يصبح شخصا. وبفضل وحدة الشعور والوعي الذي يظل قائما عبر كل التغيرات التي هو الفاعل القائم وراءها، فان الشخص هو شخص واحد كما أنه ذات الشخص. ان الشخصية تشهد على وجود فرق كلي بين الانسان والأشياء سواء من حيت الموقع أو من حيت الكرامة أو القيمة. وبهذا الصدد فالحيوانات من حيت هي جزء من عالم الأشياء، ومجردة من العقل، فانه يمكن أن نعاملها ونتملكها كما نشاء. (( كانط ))
النص: 03؛ راولز الكفاءة الأخلاقية والعقلية
"إن نظرية العدالة كإنصاف تنطلق من فكرة وجوب النظر إلى المجتمع كنظام للتعاون المنصف، وتتبنى تصورا للشخص ينسجم مع هذه الفكرة. فمنذ اليونان، فُهِمَ الشخص باعتباره ذلك الكائن القادر على المشاركة في الحياة الاجتماعية، أو على لعب دور معين، ومن ثم توفره على قدرة التأثير واحترام مختلف الحقوق والواجبات. وبهذا المعنى نقول إن الشخص مواطن، أي أنه عضو اجتماعي كامل النشاط عبر كل حياته ...وباعتبار أننا نتموضع داخل تقليد الفكر الديمقراطي، فعلينا أن نعتبر المواطنين أشخاصا أحرارا واندادا. والفكرة الحدسية الأساس ها هنا، تتمثل في أننا نعتبرهم أشخاصا أحرارا بفضل كفاءاتهم الأخلاقية والعقلية كذلك، أي تلك الكفاءات المتعلقة بالتفكير والحكم المرتبطين بها. وعلى أساس توفرهم على هذه الكفاءات في الحدود الضرورية التي تجعلهم كاملي العضوية داخل المجتمع، فإننا نذهب إلى أنهم أندادا لبعضهم البعض. ونستطيع أن نفسر هذا التصور بالكيفية التالية: ما دام الأشخاص هم أعضاء بشكل كامل داخل النظام المنصف للتعاون الاجتماعي، فإننا نسند إليهم الكفاءتين الأخلاقيتين المرتبطتين بفكرة التعاون الاجتماعي، وهما القدرة على تملك حس للعدالة وتصور معين للخير. حيث أن تملكهم حسا للعدالة يمكنهم من فهم وتطبيق واحترام التصور العمومي للعدالة الذي يسم حدود التعاون المنصف أثناء إنجاز أفعالهم، أما توفرهم على تصور للخير فيفيد مكانتهم في تشكيل، ومراجعة، ومتابعة الامتياز الذي يمكنه أن ينتج عن هذا الخير بشكل عقلاني. ولا ينبغي أن يؤخذ مفهوم الخير في حالة التعاون الاجتماعي بمعناه الضيق، بل ينبغي فهمه، على الأرجح، باعتباره يمثل كل ما له قيمة في الحياة الإنسانية. ولهذا فإن هذا التصور على العموم، يتمظهر على شكل نظام معين للغايات القصوى التي نتطلع إلى تحقيقها، ومن أجل إقامة العلاقات مع أشخاص آخرين، وكذا الالتزامات إزاء مختلف الجماعات والهيئات". ((راولز))