فروض محروسة نصوص فلسفية في مفهوم الغير، وجود الغير.
نص؛ بختين؛ وجود الغير ضروري وإغناء للأنا - امتحان وطني - فرض محروس،
" إنني لا أصبح واعيا بأناي، و لا أصير أنا ذاتي إلا بانكشافي للغير، وبواسطة الغير. والأفعال ذات الأهمية العظيمة التي بها يقوم وعي الذات، إنما تتعين في علاقة بوعي آخر (وفي علاقة مع "أنت"). والقطيعة والعزلة والانكفاء على الذات هي بالسبب الأساسي في ضياع الذات ... وكل تجربة داخلية تتموضع في الحدود القائمة بين الأنا والآخر، هي تصادف في هذا اللقاء القوي ... بل إن وجود الإنسان ذاته (خارجيا أو داخليا) هو تواصل بعيد الغور. وأن نوجد يعني أن نتواصل ... والوجود من أجل الغير، وعبره الوجود من أجل الذات. فالإنسان لا يملك منطقة داخلية يبسط عليها سيادة مطلقة. إنه يوجد كليّا ودوماً على الحدود مع الخرين، وهو إذ يتطلع في قرارة ذاته، فإنه يتطلع في عيني الغير أو عبر عيني الغير ... ليس بمقدوري أن استغني عن الغير، ولا أستطيع أن أصير أنا ذاتي بدون الغير، ويلزمني أن ألغي ذاتي في الغير، وأن أجد الغير في ذاتي (في الانعكاس وفي الإدراك المتبادلين). فالتبرير لا بمكن أن يكون تبرير الذات. والاعتراف لا يمكن أن يكون اعتراف الذات. فأنا أتلقى اسمي من الغير، وهذا الاسم يوجد من أجل الغير." ميخائيل بختين
نص؛ تجربة الخجل، سارتر وجود الغير مزدوزج
" لننظر مثلا إلى الخجل، إنه ضرب من الشعور، إنه شعور غير مباشر بالذات كخجل، (...) إنه إدراك خجول لشيء ما، وهذا الشيء هو أنا، إني خجول مما أكونه. فالخجل يحقق إذن علاقة باطنية بين الأنا والأنا، وقد اكتشفت في الخجل مظهرا من وجودي، ... إن الخجل في تركيبه الأول هو خجل أمام شخص ما. لقد قمت بحركة غير لائقة، وهذه الحركة تلتصق بي، لا أحكم عليها ولا ألومها، بل أحياها فقط، وأحققها كنمط من أنماط الوجود من أجل الذات.
لكن ها أنذا أرفع رأسي فجأة، وكأن هناك أحدا رآني، وأتحقق من كل ما في حركتي من سوقية فأخجل. (...) لكن الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني أنا وبين نفسي: فأنا أخجل من نفسي من حيث كوني أتبدى للغير. وبظهور الغير أصبح في مقدوري أن أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما، لأني أظهر للغير بوصفي موضوعا ...
وهكذا نجد أن الخجل هو خجل من الذات أمام الغير. فهاتان البنيتان غير منفصلتين، ولكن في الوقت نفسه أنا في حاجة إلى الغير لأدرك إدراكا كاملا كل بنيات وجودي، ..." جون بول سارتر
وجود الغير شرط بالنسبة للأنا - سارتر
" الإنسان الذي يكتشف ذاته بالكوجيتو [ أنا أفكر ] يكتشف أيضا ذوات الآخرين، ويكتشف أن ذوات الآخرين ضرورية لوجود ذاته، فهو ليس شيئا إن لم يعترف به الآخرون. والآخرون يقولون عنه إنه خفيف الظل، أو ثقيله، أو إنه إنسان صالح أو إنسان طالح، وقولهم هذا فيه اعتراف منهم بوجوده. وأنا لو شئت أن أعرف شيئا عن نفسي، فلن أستطيع ذلك إلا عن طريق الآخر، لأن الآخر ليس فقط شرطا لوجودي، بل هو كذلك شرط المعرفة التي أكونها عن ذاتي. وهكذا يكون اكتشافي لصميم ذاتي هو اكتشاف للآخر، من حيث هو حرية موضوعية تقف في مواجهتي، ومن حيث هو كائن لا يفكر ولا يريد، إلا إذا كان فكره وإرادته إما ضدي أو معي. وبالتالي نجد أنفسنا فجأة – في عالم – هو بمثابة مجموعة من الذوات المتبادلة الوعي ببعضها البعض." جون بول سارتر، الوجودية نزعة إنسانية
الغير مقوم أساسي من مقومات الوجود الإنساني - امتحان وطني
"إن المرء يولد بمفرده، ويموت بمفرده، ولكنه لا يحيا إلا مع الآخرين وبالآخرين وللآخرين. وإذا كان قد وقع في ظن البعض [ظَنَّ] أن الشعور الفردي إنما هو ذلك الوعي الخاص الذي نستشعر معه أننا موجودون وحدنا دون الآخرين .. فإن الوجود بدون الآخرين هو نفسه صورة من صور الوجود مع الآخرين، بمعنى أن الشعور الفردي لا ينطوي على أي انفصال مطلق عن عالم "الغير" الذي هو من مقومات الوجود الإنساني بصفة عامة.
وكما أنه ليس ثمة ذات بدون العالم، فإنه ليس ثمة ذات بدون الغير. سواء أكان الغير هو الخصم الذي أتصارع معه وأتمرد عليه وأسخر منه، أم كان هو الصديق الذي أتعاطف معه وأنجذب نحوه وأبادله حبا بحب، فإنني في كلتا الحالتين لا أستطيع أن أعيش بدونه، ولا أملك سوى أن أحدد وجودي بإزائه." زكرياء ابراهيم، مشكلة الإنسان