نصوص فلسفية فروض محروسة حول مفهومي الوعي واللاوعي
فرض محروس؛ نص، الوعي والذاكرة
" إن من يتحدث عن الفكر يقصد الوعي أولا وقبل كل شيء. لكن ما ذا نعني بالوعي؟ أتعتقدون أنني لم أتمكن من تقديم تعريف لأمر واقعي مثل هذا يكون دائم الحضور في تجربة كل واحد منا؟ غير أنه، وبدون إعطاء تعريف غير ملائم للوعي، من الجائز تحديده بناء على إحدى سماته الأكثر جلاء: الوعي يعني الذاكرة.
يجوز أن تكون الذاكرة ضيقة في مداها، ويجوز أنها لا تستوعب سوى جزء ضئيل من الماضي ولا تحتفظ سوى بالماضي القريب؛ إلا أن الذاكرة تظل حاضرة، إذ بدونها لن يوجد أي وعي. إن الوعي الذي لا يستبقي أي شيء من ماضيه، وينسى ذاته بدون انقطاع، سيتلاشى ثم يعود لينبعث في كل لحظة. (...) لذا فكل وعي عبارة عن ذاكرة، أي عبارة عن احتفاظ وتجميع للماضي في الحاضر.
لكن كل وعي ما هو إلا استشراف للمستقبل: تفحصوا مقاصد فكركم في أية لحظة شئتم وستجدون أنه ينشغل بما هو كائن، ويرتبط بما هو آت. فالانتباه انتظار، ولا يوجد وعي بدون أي اهتمام بالحياة. إن المستقبل ماثل أمامنا وينادينا، بل ويجذبنا إليه".
الأسئلة:
- استخرج إشكال النص. 5ن
- حدد أطروحة صاحب النص. 5ن
- هل يمكن اختزال الإنسان في الوعي ؟ (علل جوابك) 5ن
فرض محروس رقم 1 أولى باك آداب
"يعتبر أغلب الفلاسفة وعلماء اللاهوت، أن دراسة الوظائف العليا للدماغ مجال من مجالات اختصاصهم، ويصرون بقوة على ذلك؛ ولاسيما وأن الوظائف الدماغية لم تخضع بعد للتحليل العلمي الدقيق. وليس في هذا الأمر ما يقلقني، لأن هذه الوظائف الدماغية ستصبح، عاجلاأو آجلا، موضوعا للبحث العلمي؛ بل إن ما يقلقني هوالمجهود الجبار الذي يجب بذله للابتعاد عن الخطابات الأدبية حول الموضوع.
من الطبيعي، بالنسبة لي وباعتباري عَالِم بيولوجيا الأعصاب، أن أعتبر كل نشاط عقلي، كيفما كان، سواء كان تفكيرا، أو اتخاذا لقرار، أو انفعالا، أو شعورا أو وعيا بالذات، عبارة عن نشاط عصبي مشروط فزيولوجيا، بحيث تكون خلايا عصبية محددة، هي التي تستجيب، أولا، لمنبهات خارجية. وقد أذهب أبعد من هذا، فأقول: ليس النشاط العقلي سوى النشاط العصبي... وتؤكد العديد من نتائج التجارب النفسية- الفيزيائية على الطابع المادي للصور العقلية. لهذا فإن فرضيتنا تقول: إن الصور العقلية هي موضوعات مادية محددة بفضل "خريطة" دينامية للخلايا العصبية وللسيالات* العصبية التي تغذيها وتسري داخلها".
نص: القصدية؛ فرض محروس أولى باك علوم
«إن كل ذات مفكرة، أو كل حالة من حالات الوعي تقصد شيئا ما، تحمل في ذاتها، من حيث هي قصدية، الشيء المفكر فيه الخاص بها. فكل "أنا أفكر" تقوم بذلك بطريقتها الخاصة: إن الإدراك الحسي لمنزل ما، يقصد بدقة منزلا مفردا، على نحو إدراكي حسي، وتذكر المنزل يقصد المنزل بوصفه ذكرى؛ والخيال يقصد المنزل بوصفه صورة خيالية. والحكم الجمالي الذي يكون موضوعه "المنزل الموجود أمامي" يقصد هذا الموضوع بالكيفية الخاصة بالحكم الجمالي… وهكذا دواليك. إن حالات الوعي هذه نسميها حالات قصدية، ولا تدل كلمة قصدية على شيء آخر غير تميز الوعي بخاصية أساسية وعامة هي كونه وعيا بشيء ما، يحمل في ذاته، بصفته "أنا أفكر"، الشيء المفكر فيه». **هوسرل
الأسئلة:
- استخرج إشكال النص وصغ أسئلته. 5ن
- حدد أطروحة النص. مع شرح المفاهيم التي بنيت عليها، 5ن
- حلل الحجج المعتمدة في النص، 5ن
- بين من خلال النص ومما درسته: هل يمكن اختزال الإنسان في الوعي؟ (علل جوابك)، 5ن
نص فلسفي التذكر والإدراك الحسي
"يرتبط التذكر لدى الكلب أشد الارتباط بالإدراك الحسي، فذاكرته لن تستيقظ إلا إذا حصل إدراك حسي مماثل يعيد إنتاج نفس المشهد. إذ حينئذ سيقع التذكر بواسطة التعرف الذي هو حركة وليس تفكيرا... أما الإنسان، فعلى العكس من ذلك، لديه القدرة على استحضار الذكرى بإرادته كلما رغب في ذلك باستقلال عن الإدراك الحسي الراهن، فهو لا يقتصر على استحضار حياته الماضية بل يتمثلها ويحلمها ".
الأسئلة:
- انطلاقا من النص، حدد خصائص التذكر لدى الحيوان وبين العلاقة الممكنة بين التذكر والوعي؟ 06 ن
- استخرج الأسلوب الحجاجي الرئيسي في النص، وبين وظيفته. ( 06 ن)
- انطلاقا من النص ومما درسته، هل يمكن أن يحصل الوعي بمعزل عن الإدراك الحسي؟ (8 ن)
فرض محروس علاقة الشعور واللاشعور بالفكر
" لا تمثل الحياة الشعورية للفكر إلا جزءا ضئيلا مقارنة بحياته اللاشعورية... إن أفعالنا الشعورية تنبثق من بنية لاشعورية مكونة بالأساس من تأثيرات وراثية، وهذه البنية تشتمل على عدد لا حصر له من بقايا الماضي العتيق الذي يشكل روح العرق. فمن وراء الأسباب التي نعترف أن أفعالنا ناتجة عنها توجد أسباب خفية مجهولة من طرفنا، ذلك أن أغلب أفعالنا اليومية تعتبر نتيجة لدوافع خفية لا ندرك وجودها.
يتشابه جميع أفراد هذا العرق، عن طريق العناصر اللاشعورية المكونة لروح العرق... ويمكن القول إن الناس الأكثر اختلافا بواسطة ذكائهم يتوفرون على غرائز وانفعالات وإحساسات متماثلة أحيانا. وفيما يتعلق بالإحساس، نادرا ما يتجاوز الأفراد الأكثر أهمية مستوى الأفراد العاديين: في الدين والسياسة والأخلاق والعاطفة. فبين عالم مشهور وصانع أحذية يمكن أن توجد هوة عميقة من حيث العلاقة الفكرية، ولكن الفرق بينهما يكاد يكون منعدما أو ضئيلا بشكل كبير فيما يخص المزاج والاعتقادات. ذلك أن هذه الصفات العامة للمزاج، المحكومة بواسطة اللاشعور،... هي تلك التي تكون بالضبط مشتركة لدى الجماعات المكونة من الأفراد. ففي الروح الجماعية تنتفي الاستعدادات العقلية للأفراد كما تنتفي فردانيتهم، وتسود خصائص اللاشعور وتسيطر."
الأسئلة:
- حدد إشكال النص. (4ن)
- استخرج أطروحة صاحب النص. (4ن)
- كيف دافع النص عن فكرته (4ن)
- من خلال النص ومما درسته: هل اللاوعي هو الذي يتحكم في أفعال الإنسان وأفكاره؟ (8ن)
فرض محروس الأيديولوجيا والوهم
" إن الإيديولوجيا عامل استلاب لأنها تفرض على الإنسان رِؤية للواقع تجعل الإنسان غريبا عن ممارسته الاجتماعية الحقيقية، لنضرب مثلا: إن هدف عقيدة الوطن أو المصلحة القومية هو أن تنسي الشغيلة العلاقات الاجتماعية الأساسية القائمة على الصراع الطبقي ...
والإيديولوجيا أيضا عامل تضليل، بل يجب أن نقول: عامل مساعد على توطد الأساطير. فالإيديولوجيا، كي تضمن النجاح التام لعملية الاستلاب، تفرز عددا من الأساطير الهادفة إلى استقطاب الانفعالية الاجتماعية، وسأضرب مثالا على هذه الأساطير بأسطورة الإنسان العظيم الذي يفترض فيه أنه يجسد قدر ومصير المجتمع بأكمله منذ أن وجد. ونحن نعني هاهنا بالطبع شخصا كستالين الذي لم يحقق الوطن السوفياتي فحسب بل ... أصبح أمينا على جميع المثل العليا ...
وأخيرا فإن الإيديولوجيا عامل تشييء. إنها تميل إلى تخليد وضع الأمور الراهن... بأن تثبت أن الحالة الاجتماعية الراهنة تتجاوب مع الطبيعة الإنسانية ودعوتها وقدرها، وأن وضع الأمور الراهن يحقق تماما ما تمناه الإنسان دوما. ولنلاحظ أن عملية التشييء هذه للإنسان والأفكار والواقع بكامله، تستند إلى التصور القائل أن ثمة حقائق قد اكتسبت إلى الأبد، ولا يجوز الرجوع عنها".
الأسئلة:
- حدد أطروحة النص. (4ن)
- استخرج الأساليب الحجاجية، وأوضح مضامينها داخل النص. (5ن)
- اشرح، انطلاقا من النص، المفهومين التاليين: الاستلاب، التشييء. (5ن)
- انطلاقا من النص ومما درسته: هل يقدم لنا الوعي دائما صورة حقيقية عن أنفسنا وعن الواقع ؟ (6ن)
نص فلسفي الإنسان نفس وجسد
"ما الإنسان؟ أأقول إنه حيوان ناطق؟ كلا بالتأكيد: لأن هذا يقتضي بعدئذ أن أبحث عن معنى حيوان وعن معنى ناطق (...) ولكنني أوثر أن أنظر هنا في الخواطر التي تولدت في ذهني والتي لم أستمدها إلا من طبيعتي وحدها، حين عكفت على النظر في وجودي. حسبت أولا أن لي وجها ويدين وذراعين، وكل هذه الآلة المكونة من العظم واللحم على نحو ما يبدو في جثة، وهو ما كنت أدل عليه باسم الجسم، وحسبت أيضا أن من شأني أن أتغذى وأن أمشي وأن أفكر. وكنت أنسب جميع هذه الأفعال إلى النفس، لكني لم أطل التفكير قط في ماهية هذه النفس، وحتى إن حدث أن وقفت للتفكير فيها كنت أتصورها شيئا نادرا جدا، شيئا لطيفا شبيها بالريح أو بالنار أو بالهواء الرقيق جدا قد انبث في أعضاء جسمي الغليظة وانساب (...) أقصد بالجسم كل ما يمكن أن يحد بشكل وما يمكن أن يحتويه مكان يشغل حيزا.. وما يمكن أن يحرك على أنحاء شتى وليست حركته في الحقيقة بذاته بل بشيء غريب عنه يمسه فيترك أثره فيه؛ لأني ما اعتقدت البتة أن القدرة على التحرك في ذاتها وكذا القدرة على الإحساس والتفكير ، أمور تخص طبيعة الجسم".
الأسئلة:
فروض محروسة نصوص فلسفية مفهوما الوعي واللاوعي
"هناك في الواقع فئتان من المشكلات؛ كيف يمكن لأي شيء مادي أن يسبب حادثة داخل نفسي التي هي شيء غير مادي، وكيف يمكن لحوادث في نفسي أن تؤثر في العالم المادي؟ لقد طرأ تحول على السؤال الأول في القرن والنصف الماضيين بصورة ليس بوسع ديكارت أن يقبلها. ففي صيغتها العصرية السؤال هو: كيف يمكن للعمليات الدماغية أن تنتج ظواهر على الإطلاق؟ كيف يمكن للأدمغة أن تسبب عقولا؟ لم يفكر ديكارت في أن شيئا كهذا قد يحدث، لأنه بالنسبة إلى تصوره تتميز العقول بوجود مستقل تماما عن الأدمغة. لا تكمن المشكلة بالنسبة لديكارت في السؤال العام، كيف يمكن للجوهر العقلي أن ينبثق من البيولوجيا العصبية، لأن هذا الانبثاق –وفق رأيه- غير ممكن، ولكن بالأحرى كان سؤاله: كيف يمكن لمحتويات عقلية، كالشعور بالألم، أن تنشأ من تأثير جرح في الجسد؟ نحن نعتقد أن أعمال الدماغ تفسر وجود العقل بحد ذاته، إلا أن ديكارت لم يعتقد أن هذا التفسير ممكن. بالنسبة إليه، السؤال الحقيقي هو: كيف يمكن لحوادث تحدث في الجسد أن تسبب أفكارا ومشاعر معينة كالشعور بالألم؟
من المهم أن نؤكد على هذه النقطة: نميل إلى التفكير في أن أجسادنا وأدمغتنا واعية. ولكن ديكارت لم يعتقد ذلك. إن ما كان يعتقده هو أن الأجساد والأدمغة تفتقر إلى الوعي كما هي الحال في الطاولات أو الكراسي أو البيوت أو أي كومة من الرمل. أما النفوس الواعية فتتميز بوجود مستقل، على الرغم من أنها تلتحق بالأجساد البشرية في بعض الأحيان".
الأسئلة:
نص فلسفي: وحدة النفس والجسد
"تعلمني الطبيعة أيضا، بواسطة أحاسيس الألم والجوع والعطش إلخ، أني لست مقيما في جسمي كالنوتي في سفينته، بل فوق هذا متحد به اتحادا وممتزج به امتزاجا يجعل نفسي وجسمي شيئا واحدا، إذ لو لم يكن الأمر كذلك لما كنت أحس ألما عندما يلحق جسمي جرح، نظرا إلى أني لست إلا شيئا مفكرا، بل كنت أدرك ذلك الجرح بالذهن وحده، كما يرى النوتي بالبصر عطبا في سفينته.. فالحقيقة أن جميع أحاسيس الجوع والعطش والألم وما إليها ليست شيئا سوى أنحاء مبهمة من التفكير تصدر عن اتحاد النفس بالجسم وعن امتزاجهما".
الأسئلة:
- كيف تتحدد العلاقة بين الجسم والنفس، وكيف برهن صاحب النص على هذه العلاقة ؟ (05ن)
- هل الوعي من عمل الجسم أم النفس حسب النص؟ علل جوابك. (05ن)
- كيف يمكن أن تكون أحاسيس الجوع والعطش والألم أشكالا من التفكير؟ (05ن)
نص فلسفي: الإدراك والوعي بالذات
" ليس جسدي موضوعا بين الموضوعات وأشدها قربا. فكيف يقترن بتجربتي كذات؟ في الواقع التجربتان ليستا منفصلتين: أوجد ذاتيا وأوجد جسديا يمثلان نفس التجربة؛ فأنا لا أفكر من دون أن أوجد، و لا أوجد من دون جسدي، فأنا به أكون معروضا على نفسي والعالم والآخر، و به أنجو من عزلة فكر لا يكون سوى تفكير في الفكر، فهو برفضه أن يتركني شفافا بصورة تامة مع نفسي، يرمي بي بلا انقطاع في إشكالية العالم وصراعات الإنسان، ويقذف بي إلى المكان بواسطة إلحاح الحواس ويعلمني الديمومة بواسطة شيخوخته، و يواجهني بالخلود بواسطة موته. فهو يثقل بعبوديته ولكنه في نفس الآن جذر كل وعي وكل حياة روحية، فهو الوسيط الدائم لحياة الفكر."
الأسئلة:
- استخرج الإشكال الذي يعالجه النص. (4ن)
- اشرح العبارة التالية الواردة في النص: "فهو يثقل بعبوديته ولكنه في نفس الآن جذر كل وعي وكل حياة روحية." (5ن)
- استخرج الأساليب الحجاجية من النص، وحدد وظيفتها. (5ن)
- انطلاقا من النص ومما درسته، بين كيف يكون وعي الإنسان بذاته وبالعالم ممكنا؟ (6)
نص فلسفي، الإنسان كائن واعي مفكر،
" ولكن أي شيء أنا إذن؟ أنا "شيء مفكر"، وما الشيء المفكر؟ إنه شيء يشك، ويفهم، ويتصور، ويثبت، وينفي، ويريد، ويتخيل، ويحس أيضا. إنه ليس بالأمر اليسير أن تكون هذه كلها خصائص طبيعتي، ولكن لم لا تكون من خصائصها؟ ألستُ ذلك الشخص نفسه الذي يشك الآن في كل شيء تقريبا، وهو مع ذلك يفهم بعض الأشياء ويتصورها ويؤكد أنها وحدها صحيحة، وينكر ما سائر ما عداها، ويريد أن يعرف غيرها، ويأبى أن يخدع ويتصور أشياء كثيرة على الرغم منه أنه أحيانا، ويحس منها الكثير أيضا بواسطة أعضاء الجسم؟ فهل هناك من ذلك كله شيء يعادل في صحته اليقين بأني موجود، حتى لو كنت نائما دائما وكان من منحني الوجود يبذل كل ما في وسعه من مهارة لإضلالي؟ وهل هنالك أيضا صفة من هذه الصفات يمكن تمييزها عن فكري أو يمكن القول بأنها منفصلة عني؟ فبديهي كل البداهة أنني أنا الذي أشك وأنا الذي أفهم وأنا الذي أرغب، ولا حاجة إلى شيء لزيادة الإيضاح. ومن المحقق كذلك أن لدي القدرة على التخيل: لأنه على الرغم من أنه من الممكن – كما افترضت فيما سبق – أنه لا شيء مما أتخيل بحقيقي، فإن هذه القدرة على التخيل لا تنفك أن تكون جزءا من تفكيري، وأنا أخيرا الشخص عينه الذي يحس، أي الذي يدرك أشياء بعينها بواسطة الحواس... من هنا بدأت أعرف أي شيء أنا، بقدر من الوضوح والتميز يزيد عما كنت أعرف من قبل." (( ديكارت ))
فرض محروس، نص فلسفي؛ الوعي والأيدلوجيا
"إننا لا ننطلقُ مما يقوله الناس أو يتخيلونه، أو يصورونه، كما لا ننطلق من تصورهم عن أنفسهم وعن غيرهم من خلال الأقوال والأفكار والتخيلات، لنخلص بعد ذلك إلى أن الناس من لحم ودم؛ لا، إننا ننطلق من الناس في حياتهم الواقعية والعملية، ومنها نتمثلُ ونتصور الانعكاسات والآثار الأيدولوجية لهذه العملية الحياتية. وحتى التخريفات التي تجري في الذهن الإنساني هي إعلاءات وتساميات ناتجة بالضرورة عن سيرورة حياتهم المادية التي يمكن أن نلاحظها تجريبيا، والتي هي مرتبطة بافتراضاتٍ مسبقة مادية..
ومن ثمة فإن الأخلاق والثقافة الروحية والميتافيزيقا، وكل ما تبقى من الأيديولوجيا، وكذا أشكال الوعي المقابلة لها، َتفقدُ مباشرة كل مظهر للاستقلال الذاتي. فكلها ليس لها تاريخ مستقل وتطور مستقل؛ بل على العكس، فالناس هم الذين يعدّلون ويطورون أفكارهم خلال عملية الإنتاج المادي التي يقومون بها وخلال العلاقات المادية التي تنشأ بينهم. ليس الوعي هو الذي يحدد الحياة الاجتماعية، بل الحياة الاجتماعية هي التي تحدد الوعيَ". (( ماركس ))
نص فلسفي الوعي والإدراك الحسي
"هناك بعض الفلاسفة الذين يظنون أن لدينا في كل حين شعورا بما
نسميه (أنا)، وأننا نحسُّ بوجوده وباستمرار وجوده، وأننا متيقنون أن من هويته
وبساطته التامتين يقينا أكثر من ذاك الذي يكن بواسطة البرهان ... أما من جهتي
فإنني عندما أتوغل في أعماق ما أسميه (أنا) أصطدم دائما بهذا الإدراك الخاص أو
ذاك، بالحرارة أو البرودة، بالنور أو الظلام، بالحب أو الكراهية، بالألم أو اللذة.
فلا يمكنني أن أعقل نفسي (أنا) في أية لحظة من دون عملية إدراكية ما، ولا يمكنني
أن الاحظ إلا إدراك. فعندما تزول إدراكاتي الحسية لمدة من الزمن، مثلما يكون ذلك
في النوم الهادئ فإن شعوري (بأناي) يزول خلال النوم، ويمكن القول حقا بأني لست
موجودا. فلو كانت جميع إدراكاتي قد زالت بالموت، وكنت لا أستطيع أن أفكر، ولا أن
أحس، ولا أن أرى، ولا أن أحب، ولا أن أكره بعد تحلل جسمي، فإنني أكون قد غبتُ
تماما، واني لا أتصور شيئا أكثر من هذا ليجعل منِّي عدما بحتاً". ((
هيوم ))
فرض، نص - فرويد ضرورة اللاشعور
"إن فرضية اللاوعي هي فرضية ضرورية ومشروعة، وإننا نتوفر على عدد من الحجج تؤكد وجود اللاوعي.
إن فرضية اللاوعي ضرورية لأن معطيات الوعي ناقصة جدا. ذلك أنه كثيرا ما تحدث لدى الإنسان السوي والمريض على حد سواء جملة من الفعال النفسية التي تستلزم، من أجل تفسيرها، أفعالا نفسية اخرى لا تحظى باعتراف الوعي. وغن هذه الفعال النفسية اللاواعية لا تتمثل فحسب، في الهفوات والحلام عند الإنسان السوي، وكل ما نسميه بالعراض النفسية والظواهر القسرية بالنسبة للإنسان المريض، بل إن تجربتنا اليومية الكثر حميمية تضعنا امام افكار تخطر لنا من غير أن نعرف مصدرها أي أما خلاصات تفكير تظل عمليات إنشائها وتمثلها خفيَّةٌ عنّا. إن كل هذه الأفعال الواعية تظل مفككة وغير قابلة للفهم، إذا ما اصررنا على الزعم بأنه ينبغي أن ندرك عن طريق الوعي كل ما يجري فينا من أفعال نفسية. غي ان تلك الأفعال سوف تنتظم في مجموعة يمكن إبراز تماسكها، إذا ما استكملناها بالأفعال اللاواعية المستنبطة ... وإذا ما عنَّ لنا إضافة إلى ذلك، ان بوسعنا أن نؤسس على فرضية اللاوعي ممارسة موفّقة، نؤثر، عن طريقها، طبقا لهدف محدد، على مجرى السيرورات النفسية اللاواعية، فإننا سنكون قد اكتسبنا، بهذا النجاح حجة لا تنازع على وجود ما افترضناه". (( فرويد ))